
تناثرت خياراته بسبب تلك الكلمات. ركن مستقبله جانبا لبضع لحظات، أحس فيها أن الكون لا يتسع لأمثاله المتسائلين عن حقهم في الحياة. جمل أشد من سهم القوس في القلب، وأصعب ما يؤلمه ذاك الثقب الذي جعل الأرض تتخلى عن أهلها،لتسأل فقط عن مصلحتها.عم الهدوء الذي عقب مناقشة حادة القرارات بين سامي ووالده.
لم يعد له خيار آخر.خرج مسرعاً، أنه الليل. سار وسار دون أن يفكر بأي شيء سوى حقارة الموقف، لم ير شيئا حوله، لا القمر ولا النجوم ولا حتى الطريق التي يسير فيها.جنون في التفكير جعله يركض لينس تلك العبارات المتأزمة. تدور حوله أشباح الأفكار المدمنة على الموت. خيالات نهاية حياته التي لا بد من ملاك ينقذها.
أفاق من التفكير ليجد نفسه على مفترق معتم، يكاد يشبه حياته. طريق مظلمة وفي نهايتها نور، وطريق يملئها النور والكلاب الليلية.هل ينجرف إلى سوق العمل ليرمي بتعليمه في سلة مهملات المدينة؟، أم يذهب للعيش مع ذئب متزوج من أمه الكفيلة بتسيير تعليمه؟.
يعلم أن هدفه الاستقرار مع عائلته المتماسكة قبل بنائها على غير هيئة منزله، لكن الطريق صعبة. عليه أن يتكلل بالشوك، وأن يرى السماء ملبدة بالسواد، وأن يجاري الغراب المتسكع على مقربة من الهلاك، وأن يتذوق طعم الدم المغموس بالغار، وأن يسير حافي القدمين على أرض جسدتها الشمس رماد، وبإمكانيات مادية على حافة الهاوية.
شرد بالتفكير العميق،تأمل. كم هي الطفولة رحمة، وكم هي الحياة صعبة، وكم هو مستحيل المستقبل.نسي أنه ضائع، وأن الجو ماطر، وأنه لا يرتدي ما يستره من برد الحياة.
أخرج فكرة من جيبه، نظر للكلاب الليلية بإعجاب، أنها جبانة بوحدتها، وشرسة بين جماعتها، قرر ألا يكون المُفترس، لقد حرم من الأنياب لكن لم يخسر المخالب بعد.
عاد للمنزل، أخد يلعب بالدم المتناثر على أرجاء حديقته، قرر أن يصبح جزاراً، ليطعم الكلاب. إن لحم الظالمين كوالده محبوب لدى المستضعفين بالأرض. لكنه أخد على عاتقه أن الحياة صعبة، فضحى بنفسه لتشبع من حوله الكلاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ضع تعليقك هنا