24 يوليو 2010
تكبر تكبر...محمود درويش
فمهما يكن من جفاك
ستبقى، بعيني و لحمي، ملاك
و تبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و إني أحبك.. أكثر
يداك خمائل
و لكنني لا أغني
ككل البلابل
فإن السلاسل
تعلمني أن أقاتل
أقاتل.. أقاتل
لأني أحبك أكثر!
غنائي خناجر ورد
و صمتي طفولة رعد
و زنيقة من دماء
فؤادي،
و أنت الثرى و السماء
و قلبك أخضر..!
و جزر الهوى، فيك، مدّ
فكيف، إذن، لا أحبك أكثر
و أنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
و أرضك سكر
و قلبك أخضر..!
وإنّي طفل هواك
على حضنك الحلو
أنمو و أكبر !
الجدار...محمود شقير

ركبنا السيارة، وتحدثنا عن الطقس دقيقتين. قلنا إن هذا المطر جاء على غير ميعاد. قلنا: إنه مطر خفيف لا يعطل المواعيد. تحدثنا عن أختنا التي ماتت وهي في العشرين من عمرها. قلنا إنها بكت ليلة كاملة حينما لم يسمح لها الوالد بمواصلة الدراسة في المدينة. قلنا إنها كانت بنتاً ذكية. استغرق حديثنا عنها ثلاث دقائق على أكثر تقدير.
نزلنا، أنا وأخواتي من السيارة، وكنت قريباً منهن. لأول مرة بعد سنوات طويلة أمشي معهن وهن مجتمعات. مشينا ولم نحفل بالمطر وقلنا إنه مطر خفيف. وكنا نمشي معاً على نحو حميم لم أجربه من قبل.
اقتربنا من الجدار الذي يفصل القدس عن محيطها. الجنود المرابطون عند البوابة الصغيرة، أمرونا بالوقوف أمام البوابة في صف طويل. اجتازتها أختي الكبرى ثم تلتها بقية الأخوات، وكنت أنا الأخير. مضينا إلى مبنى الشركة، وكان علينا أن نمشي مئات الأمتار.
بعد ساعة عدنا إلى الجدار نفسه، وإلى البوابة نفسها. اجتازت أخواتي البوابة بعد تفتيش دقيق، واجتزتها أنا بعدهن. وفي الطريق إلى البيت، شعرنا أن ثمة أمراً ينغص علينا، ولم نتحدث عن ذلك، لأنه كان أوضح من أي كلام.
10 يوليو 2010
قصتي القصيرة: طريق إلى الحياة

تناثرت خياراته بسبب تلك الكلمات. ركن مستقبله جانبا لبضع لحظات، أحس فيها أن الكون لا يتسع لأمثاله المتسائلين عن حقهم في الحياة. جمل أشد من سهم القوس في القلب، وأصعب ما يؤلمه ذاك الثقب الذي جعل الأرض تتخلى عن أهلها،لتسأل فقط عن مصلحتها.عم الهدوء الذي عقب مناقشة حادة القرارات بين سامي ووالده.
لم يعد له خيار آخر.خرج مسرعاً، أنه الليل. سار وسار دون أن يفكر بأي شيء سوى حقارة الموقف، لم ير شيئا حوله، لا القمر ولا النجوم ولا حتى الطريق التي يسير فيها.جنون في التفكير جعله يركض لينس تلك العبارات المتأزمة. تدور حوله أشباح الأفكار المدمنة على الموت. خيالات نهاية حياته التي لا بد من ملاك ينقذها.
أفاق من التفكير ليجد نفسه على مفترق معتم، يكاد يشبه حياته. طريق مظلمة وفي نهايتها نور، وطريق يملئها النور والكلاب الليلية.هل ينجرف إلى سوق العمل ليرمي بتعليمه في سلة مهملات المدينة؟، أم يذهب للعيش مع ذئب متزوج من أمه الكفيلة بتسيير تعليمه؟.
يعلم أن هدفه الاستقرار مع عائلته المتماسكة قبل بنائها على غير هيئة منزله، لكن الطريق صعبة. عليه أن يتكلل بالشوك، وأن يرى السماء ملبدة بالسواد، وأن يجاري الغراب المتسكع على مقربة من الهلاك، وأن يتذوق طعم الدم المغموس بالغار، وأن يسير حافي القدمين على أرض جسدتها الشمس رماد، وبإمكانيات مادية على حافة الهاوية.
شرد بالتفكير العميق،تأمل. كم هي الطفولة رحمة، وكم هي الحياة صعبة، وكم هو مستحيل المستقبل.نسي أنه ضائع، وأن الجو ماطر، وأنه لا يرتدي ما يستره من برد الحياة.
أخرج فكرة من جيبه، نظر للكلاب الليلية بإعجاب، أنها جبانة بوحدتها، وشرسة بين جماعتها، قرر ألا يكون المُفترس، لقد حرم من الأنياب لكن لم يخسر المخالب بعد.
عاد للمنزل، أخد يلعب بالدم المتناثر على أرجاء حديقته، قرر أن يصبح جزاراً، ليطعم الكلاب. إن لحم الظالمين كوالده محبوب لدى المستضعفين بالأرض. لكنه أخد على عاتقه أن الحياة صعبة، فضحى بنفسه لتشبع من حوله الكلاب.
09 يوليو 2010
امرأة في الفنجان
كل نساء العالم ورد ذكرهم في جلسة واحدة لشرب القهوة، وبعد صباح طويل تعبت فيه مجد من الثرثرة، قررت مداهمة محل زوجها محمد.
وسط كل الأقمشة ذات الألوان الباهرة، امرأة بطباع وردية تراوغ حتى تحصل على أقل الأسعار، إنها جريمة، المسافة بين محمد والمرأة الغريبة ليست سوى متر ونصف، هذا ما رأته بالفنجان، هدأت من نفسها بتلاوة بعض آيات القرآن، ابتسمت ساخرة لتعود للمنزل.
كل ساعات النهار مضت إلا الدقائق التي كان فيها محمد يصعد للمنزل المستقر بالطابق الخامس، الباب مفتوح على غير عادته، كما أن ألوان وجه مجد يدل على أنها غاضبة، وبعد ترحيبها له بالصراخ:
-بدك تتجوز علي؟
-لا حول ولا قوة إلا بالله.
-شفتك معها بالمحل.
-مين هي؟
-مين هي! لو ما شفتك بقول.
-من زمان قلتلك تغيري هالعادة.
اجتمعت الجارات تهدئن من روعها بعد أن ترك محمد البيت واعدا اياها أنها أولى مدعوات حفل زفافه، والعروس ذاتها من رأتها معه في المحل.
06 يوليو 2010
كأن الموت تسليتي...محمود درويش

أنا القوي وموتي لا أكرره
الا مجازآ كأن الموت تسليتي
أحب سيرة أجدادي وأسأمها
لكي أطير خفيفً فوق هاويتي
حراً كما يشتهيني الضوء,من صفتي
خلقت حراً, ومن ذاتي ومن لغتي
كان الوراء واقفاً ,وأنا
أمشي أمامي على إيقاع أغنيتي
أقول:لستُ أنا من غابَ وليس هنا
هناك.إن سمائي كلها جهتي
أمشي وأعلم أنَّ الريح سيدتي
وأنني سيدٌ في حضن سيدتي
وكُلٌّ ما يتمنى المرء يدركه
إذا أراد وإني ربُّ أمنيتي
قصة قصيرة: أحلام سعيدة
صرخت: هدوء. جمعت الجدران صراخ الأطفال، صوت مختلف، إنه جرس نهاية الحصة. كالعادة، جمعت الكتب عن الطاولة، انتهى الدوام بالنسبة للطلاب، أما أحلام فلديها الكثير من الأعمال المنزلية، أيضاً هناك بانتظارها عمود من دفاتر تعبير الطلاب.
البيت قريب. اعتادت أحلام صراخ الأطفال حتى بشوارع المدينة. رصيف ضيق، صيانة حديثة للشوارع، حلويات من نوع جديد لدى أبو أحمد البقال، الأطفال مولعون باللعب في طريقهم للبيت، والسيارات لا تحترم حقوقهم. خمسة عشر عاما مدة كافية حتى تحفظ أحلام أدق تفاصيل الطريق نحو البيت، وإلى المدرسة.
أخيراً...راحة بالمنزل. وجبة الغذاء، مائدة طويلة من المقبلات والأطباق الشهية، المرأة تجيد الطبخ كما تجيد تصفيف شعرها. قيلولة بعد ساعة من الرومانسية على شاشة التلفاز.
آذان العشاء، لا كلام، ولا همس. حان موعد تصحيح الدفاتر، قلّبت أوراق الدفتر الأول، تراجعت بها ذاكرتها عندما كانت تملك الكثير من الطموحات، ستصبح طبيبة بعد ست سنوات في الجامعة، لطالما كانت تدرس بجهد لكي تحقق ما طمحت إليه منذ طفولتها، لكن ليس بعد أن أشعلت الجدة الجو بجملة صغيرة بقولها:"لا أفضل من مهنة معلمة لجميع بناتنا " .
انزلقت دمعة على صفحة الدفتر، إنه عنوان الموضوع "ماذا ستصبحين عندما تكبرين؟"
-أحلام، أطفئي الأنوار، أريد النوم.
-نم يا زوجي، أحلام سعيدة!
04 يوليو 2010
معين الدمع...تميم البرغوثي

معين الدمع لن يبقى معينا
فمن أي المصائب تدمعينا
زمانٌ هون الأحرار منا
فديت وحكم الأنذال فينا
ملأنا البر من قتلى كرام
على غير الإهانه صابرينا
كأنهم أتوا سوق المنايا
فصاروا ينظرون وينتقونا
لو أن الدهر يعرف حق قوم
لقبل منهم اليد والجبينا
عرفنا الدهر في حاليه حتى
تعودناهما شدا ولينا
فما رد الرثاء لنا قتيلا
ولا فك الرجاء لنا سجينا
سنبحث عن شهيد في قماط
نبايعه أمير المؤمنينا
ونحمله على هام الرزايا
لدهر نشتهيه ويشتهينا
فإن الحق مشتاق إلى أن
يرى بعض الجبابر ساجدينا
أسطورة سيزيف

سيزيف محارب بارع وماهر يتميز بالمكر والدهاء وهو ابن ايولوس اله الرياح وسيزيف كان ملك علي سيلينا وقد ارتكب من الافعال ما اغضب عليه الهة الاوليمب لذا تعرض لاقسي واعنف انواع العقاب .
الصارم فقد اجبرة زيوس علي ان يدحرج صخره عملاقه الي قمة جبل وما ان يصل الي قمته حتي تنحدر منه الصخرة مره اخري وتسقط الي اسفل عند سفح الجبل فيعود مره اخري لدحرجتها الي قمة الجبل وما ان يصل الي قمته حتي تنحدر مره اخري لاسفل وهكذا يظل سيزيف في هذا العذاب الابدي .
يعتبر سيزيف البطل الاسطوري الذي يقوم بمهمه وهو يعلم انها لن تنتهي ولاجدوي منها ويكافح كفاحا مريرا وهو يعلم انه سيكلل بالفشل.
اننا جميعا نعيش في هذه الحياه ونحارب فيها ونحن نعلم ان هذا كله زائل وانه بلا جدوي .
اننا جميعا سيزيف.
لا أعرف الشخص الغريب...كبير الشعراء:محمود درويش

لا أعرف الشخص الغريب ولا مآثرهُ…
رأيت جنازةً فمشيت خلف النعش،
مثل الآخرين مطأطىء الرأس احتراماً. لم
أجد سببا لأسأل: من هو الشخص الغريب؟
وأين عاش، وكيف مات [فإن أسباب
الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة].
سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
عدماً ويأسف للنهاية؟ كنت أعلم أنه
لن يفتح النعش المُغطى بالبنفسج كي
يُودعنا وشكرنا ويهمس بالحقيقة
[ما الحقيقة؟]. ربما هو مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّه. لكنه هو وحده
الشخصُ الذي لم يبكِ في هذا الصباح،
ولم ير الموت المحلق فوقنا كالصقر…
[فالأحياء هم أبناء عم الموت، والموتى
نيام هادئون وهادئون وهادئون] ولم
أجد سبباً لأسأل: من هو الشخص
الغريب وما اسمه؟ [لا برق
يلمع في اسمه] والسائرون وراءه
عشرون شخصا ما عداي [أنا سواي]
وتُهتُ في قلبي على باب الكنيسة:
ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ
أو سارقٌ، أو قاتلٌ… لا فرق،
فالموتى سواسية أمام الموت.. لا يتكلمون
وربما لا يحلمون…
وقد تكون جنازةُ الشخص الغريب جنازتي
لكنَّ أمراً ما إلهياً يؤجلها
لأسباب عديدة
من بينها: خطأ كبير في القصيدة!
03 يوليو 2010
قلب يشعلها، قلب يطفئها

وذاتها أمي الفلسطينية، بقوة صرختها، تنهمر قطرات الماس من عيناها، متتجمد عند فمها، فتغمر أنحاء بشرتها تجاعيد الحياة مكوناً مكثبان صحراء آلامها، مفجراً زلزال أحزانها، مثيرا بركان افتقادها لابنها، لينشر ذلك العتمة ويضمر شعاع رغيفها، فتنطفئ ابتسامة بيتها مع انطفاء طابونها.